2011/05/13

لوحة ابن الانسان \ غوص في الأعماق



إن هذه اللوحة و على الرغم من قِلَة عناصرها , و المتمثلة في الرجل و التفاحة , بخلفيتها الآسرة رغم بساطتِها , إلا أنها تحملُ الكثير من المعاني , و إنكَ كلما اعتقدت انك أمسكت بالمعنى الحقيقي , وجدتَ نفسك قد توصلت لمعنى آخر ,  لكننا نستطيع القول بأنهُ مع رينيه ماغريت فإنه ما ثمةَ وصول , فلا توجد حقيقة ثابتة , إنما هو يستفز الحس الفني لدى المتذوق ليتعمق معه في بحر الغموض محاولاً فهم تفاصيل أعمالهُ الفنية ..

العنصر الملفت في العمل : التفاحة و هي أهم شيفرات ماغريت و التي تختلف دلالتها باختلافِ السياق , إنها رمز الإغراء أو الهاجس الجنسي أو الغواية . فقد وضع التفاحة أمام عيني الرجل , و كأنهُ يعني بذلك أن الإنسان غارق في هذه الهواجس التي أصبحت متمثلة في كل ما يراه , و أنها أعمت بصيرة هذا الإنسان حتى أنها لم تبقِ لهُ من البصيرة إلا القليل , فقد أظهر من عينهِ اليمنى جزءً بسيطاً للدلالة على ذلك.
و نلاحظُ أن الرجلَ قابضٌ على يديهِ بشدة , و على اليد اليمنى بشكل أكبر , و كأنهُ في أعماقهِ يجاهد نفسه لكبتِ هذهِ الهواجس ..

قد يريد ماغريت أيضاً تذكير إنسان العصر الحديث بخطيئة آدم –عليهِ السلام– و قصة خروجهِ من الجنة و كيفَ لتفاحةٍ أن تقلبَ مجريات حياتِه رأساً على عقب , و يساعد الحاجز الصغير في الخلفية على تأصيل هذا المعنى في اللوحة , فالرجل قريب جداً من الحاجز الصغير وكأنهُ اختار الحواجز و ارتضاها لنفسِه , بينما البحر ممتد من خلف هذا الحاجز الصغير , تماماً كآدم – عليهِ السلام – الذي كانتْ لهُ الجنة بجميع ملذاتها ففضل التفاحة على الرغم من كل ما يملك من ملذات في الجنة ..

إنَهُ الفنان رينيه ماغريت هذا الذي يدغدغُ الخيال و يستفزُ الأسئلة , و يثير فينا الفضول , و رغبة إطلاق العنان لمخيلاتِنا للإبحار في عالم ما فوق الواقع , و يترك لنا حرية إجلاء الغموض ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق